إطلالة تاريخية على المدينة

إطلالة تاريخية على المدينة

نبذة تاريخية عن المدينة:

الموقع وتاريخ التأسيس:

تقع مدينة تطوان في الشمال الغربي لبلاد المغرب ، وهي حسب اصطلاح الجغرافيين القدماء واقعة في الإقليم الرابع الذي يصفه ابن خلدون بأنه أعدل العمران ، ويصف سكانه بأنهم أعدل الناس اجساما وألوانا وأخلاقا .

وتطوان القديمة ، هي تلك المدينة التي كانت موجودة قبل ظهور الإسلام ،حيث ذكر ليون الإفريقي أن المسلمين قد افتتحوها عندما افتتحوا مدينة سبتة في القرن الأول للهجرة .

أما تطوان الحالية فليست قديمة ، لأنها إنما بنيت في أواخر القرن التاسع للهجرة الموافق لأواخر القرن الخامس عشر للميلاد ، وذلك أنه لما نزلت كارثة اضمحلال آخر دولة إسلامية بالأندلس ، هاجر كثير من المسلمين إلى مختلف الأقطار الإسلامية ، وكانت من بينهم جماعة من سكان غرناطة ونواحيها ، فالتحقت هذه الجماعة بجماعة أندلسية أخرى كانت قد سبقتها إلى هذه الناحية من بلاد المغرب ، وجدد الجميع بناء مدينة تطوان التي كانت في ذلك العهد مخربة غير عامرة ولا مسكونة ، وذلك بعد استئذان السلطان محمد الشيخ الوطاسي بفاس ، وهذا البناء الأندلسي هو الذي عمرت به هذه المدينة عمارتها الجديدة ، التي امتزجت فيها العناصر المختلفة من أندلسيين مهاجرين ومن غيرهم ممن قصدوا هذه المدينة من القبائل الجبلية والريفية ، وكذا من مدينة فاس ، ثم من القطر الجزائري الشقيق ، وخاصة بعد احتلاله من طرف الاستعمار الفرنسي .

وقد مرت على تطوان أطوار تاريخية ترددت فيها بين العمارة والخراب ، والحضارة والبداوة ، إلا أن التاريخ الصحيح المحقق لتطوان ، إنما يبتدئ من تاريخ البناء الأندلسي ، أما ما قبل ذلك فالمعلومات عنه إنما هي شذرات متقطعة .

وأما تاريخ بناء تطوان الحديثة بالتدقيق ، فقد ذكر المؤرخ السكيرج أن بناءها كان عام 888 هـ ، وذكر غيره أن هذا البناء كان سنة 889 هـ ، وهو ما يرمز إليه بقولهــم

( إن تطوان بنيت عام ” تفاحة ” ) لحساب الحروف .

أما ليون الإفريقي فذكر إن بناءها كان بعد استيلاء الإسبانيين على غرناطة ، ومعلوم أن ذلك الاستيلاء إنما كان في سنة 897 هـ . وقال بالتدقيق إنه كان في اليوم الثاني من ربيع الأول من السنة المذكورة ، الموافق لليوم الثاني من يناير سنة 1492 .

وفي تقييد في كناش قديم بخط الفقيه الشريف سيدي التهامي بن محمد بن رحمون التطواني نقلا من خط العلامة سيدي العربي الفاسي صاحب ” مرآة المحاسن ” ، أن البناء الأخير لتطوان كان على يد جماعة من الأندلسيين قدموا إلى هذه العدوة حين استولى الكفرة دمرهم الله على الجزيرة أعادها الله للإسلام ،وذلك في شعبان لسبع خلت منه عام 898 ››. وهذا التاريخ يوافقه من التاريخ الميلادي فاتح يونيو سنة 1493 أي بعد سقوط غرناطة بسبعة عشر شهرا .

الحركة الفكرية بالمدينة:

تطوان مدينة مضيافة تتميز بتمازج الثقافات التي أغنت رصيدها الفكري والثقافي نظرا لانفتاحها على الخارج ، بالرغم من محافظتها على طابعها الخاص كمدينة لها مميزات خاصة .

وقد عرفت مدينة تطوان منذ إعادة تأسيسها من طرف الأندلسيين بكونها رباطا جهاديا تصدى لحماية الثغور المغربية بمنطقة الشمال المغربي ، ولمواجهة العدو الذي كان يتربص الفرص لبسط نفوذه عليها ، كما عرفت بكونها مهدا للعطاء العلمي والفكري على مر السنين ، حيث اشتهر من أبنائها علماء وفقهاء وقضاة ومفكرون منذ القديم ، نذكر من بينهم شخصيات من عائلة الكراسي وبركة والجنوي والحايك والورزيزي وبن طريقة وبن قريش والزواقي وأفيلال والرهوني والمرير …

ولا يفوتنا أن نشير إلى كون مدينة تطوان تعتبر معقلا من معاقل الحركة الوطنية التي كانت تعمل بتنسيق مع رجال هذه الحركة في المنطقة الجنوبية من البلاد ، حتى نال المغرب استقلاله وحقق وحدته الترابية ، بتوحيد منطقتي الشمال والجنوب تحت راية مغرب مستقل موحد وتحت قيادة ملك واحد هو جلالة الملك محمد الخامس طيب الله ثراه .